الاقتصاد الإبداعي ومعركة جذب الانتباه..

أحمد بن عطاف الصحاف، الرئيس التنفيذي – شركة MBC Media Solutions، يسلط الضوء على الدور الفعال لابتكار استراتيجيات تسويقية تجذب الانتباه في المشهد الإعلامي.

أحمد بن عطاف الصحاف، الرئيس التنفيذي؛ شركة MBC Media Solutionsأحمد بن عطاف الصحاف، الرئيس التنفيذي؛ شركة MBC Media Solutions

أصبحت المنافسة على جذب انتباه الجمهور أكبر من أي وقت مضى، بالتزامن مع التطور المستمر للمشهد الإعلامي على المستويين المحلي والعالمي؛ فمع وفرة المحتوى في مختلف المنصات الإعلامية، تواجه العلامات التجارية اليوم تحدياً كبيراً، يتمثل في كيفية جذب اهتمام الجمهور والمحافظة عليه. دفع هذا الواقع الجديد الشركات إلى إعادة ابتكار استراتيجياتها التسويقية، من خلال تبني حلول إعلامية متكاملة تجمع بين المحتوى المتميز والإعلانات المبتكرة، فضلاً عن اتخاذ القرارات المبنية على البيانات بهدف تعزيز التواصل الفعّال وإحداث تأثير حقيقي.

الاستراتيجيات الإعلامية بصورتها الجديدة

يتجاوز دور الإعلام مجرد الظهور، ليصبح أداة قوية لتعزيز التأثير وتحقيق الأهداف التجارية؛ وبدأ التوازن التقليدي بين التسويق القائم على الأداء وبناء الوعي بالعلامة التجارية يفسح المجال لاستراتيجية إعلامية أكثر تكاملاً، تغطي جميع مراحل التسويق، حيث يدرك قادة التسويق اليوم أن الجمع بين تحقيق نتائج سريعة وترسيخ الهوية التجارية على المدى الطويل هو المفتاح لتحقيق نجاح مستدام.

الإعلام ومعركة جذب الانتباه

في ظل وفرة المحتوى يحرص المستهلكون في المملكة العربية السعودية، لا سيّما فئة الشباب، على انتقاء المحتوى بعناية. وللتفاعل مع هذا التوجه، أصبح من الضروري أن تستثمر العلامات التجارية في أساليب مبتكرة لجذب الانتباه عبر تقديم محتوى مخصص يتوافق مع اهتمامات مختلف الفئات، وهو ما يُعرف اليوم بـ «اقتصاد جذب الانتباه». في المنطقة العربية، تبرز مجموعة «إم بي سي» (MBC) مثالاً بارزاً على تبني هذا التوجه، حيث أصبحت أكثر من مجرد علامة تجارية؛ فقد رسخت من مكانتها بوصفها أحد روّاد المشهد الإعلامي في الشرق الأوسط.

هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج فَهْمٍ عميق للجمهور العربي وسلوكياته في استهلاك المحتوى، الأمر الذي مكنها من الوصول إلى 150 مليون مشاهد أسبوعياً. هذا الرقم الضخم يعكس الطلب المتزايد على المحتوى الذي يمزج بين السرد المحلي والجاذبية العالمية، ما يخلق فرصاً للعلامات التجارية للاندماج في محتوى يحمل قيمة ثقافية وعاطفية كبيرة. في السياق، يأتي دورنا في «MMS» بتوفير بيئة مناسبة للعلامات التجارية لتحقيق التميز بالاندماج في المحتوى من خلال حلول إعلانية تتناغم مع الثقافة المحلية، سواء عبر رعاية المحتوى المرتبط بالمناسبات المهمة، أو إنتاج أعمال مخصصة بالتعاون مع نجوم الدراما، أو نجوم الرياضة السعودية والعالمية. ويمكن تعميمه على نهج العلامات التجارية التي ترغب في بناء حملاتها الإعلانية، حيث يعد المحتوى المبتكر والمخصص العنصر الأساس لتعزيز ارتباط العلامة التجارية بالجمهور؛ فحين تركز العلامات التجارية والشركات على تقديم محتوى يعكس القيم الثقافية والتوجهات المحلية ويعكس صدق قيمها ويستجيب لاهتمامات الجمهور الفعلي، يمكن للعلامات التجارية بناء علاقة عاطفية مع الجمهور، ما يزيد من فرص النجاح والتأثير الإيجابي على المشاهد والمتلقي.

السرد القصصي.. مفتاح جذب الانتباه في عصر الاقتصاد الجديد

العلامات التجارية التي تتبنى الصدق والواقعية في محتواها تدرك أن الجمهور لا يبحث فقط عن رسائل تسويقية جذابة؛ بل عن قصص تلامس مشاعره وتتقاطع مع اهتماماته وتطلعاته؛ فالسرد القصصي لا يقتصر على تقديم رسائل مبتكرة، بل يتطلب فَهْماً عميقاً لاحتياجات الجمهور والتفاعل معه بأسلوب يعكس هويته وثقافته. والقصة الجيدة تربط العلامة التجارية بجمهورها عبر تجارب ومواقف يمكنهم التعاطف معها. وعندما تشعر الجماهير بأن المحتوى يعكس واقعها أو يلهمها، فإنه يترسخ في ذاكرتها ويصبح جزءاً من وعيها.

في هذا السياق، نجد أن العديد من العلامات التجارية التي استطاعت تحقيق نجاح ملحوظ هي تلك التي قدّمت محتوى يعكس واقع حياة جمهورها، بعيداً عن التصنّع والمبالغة.

إن من أنجح النماذج الإعلانية في منطقتنا هي تلك التي تمكنت من سرد قصة بسيطة، حقيقية، وقريبة من الوجدان، إذ لم تركّز فقط على المنتج بحد ذاته، بل جعلت من مشهدٍ مألوف – كاجتماع عائلي، أو لحظة احتفال، أو موقف يومي – محوراً للرسالة، ما يمنح الإعلان طابعاً إنسانياً راقياً؛ فعندما يظهر المنتج في مشهد يجمع العائلة أو يحاكي مشهد يومي فإن الرسالة لا تبدو تجارية بقدر ما تكون جزءاً من حياة الناس. وتصبح العلامة التجارية تلقائياً مرتبطة بهذه اللحظات، وكأنها شريك فيها. نجاح هذا النوع من الإعلانات لا ينبع فقط من قوة الفكرة، بل من الصدق في التعبير، والانسجام مع الثقافة المحلية، والبُعد العاطفي الذي تحمله الصورة والكلمة والموسيقى معاً.

الاستراتيجية الشاملة ومستقبل الإعلام

تواجه العلامات التجارية اليوم تحديات وفرصاً جديدة في كيفية تفاعلها مع المستهلكين. ويمكن القول إن الجمع بين المحتوى المحلي عالي الجودة والتوسع العالمي في سرد القصص يعيد تشكيل أساليب التواصل مع الجمهور. فلم يعد النجاح مرهوناً بالتمييز بين التسويق القائم على الوعي والتسويق القائم على الأداء، بل أصبح تحقيق التكامل بين الاثنين ضرورة لزيادة العائد على الاستثمار وضمان تأثير مستدام. ومع وفرة المحتوى الإعلامي وتزايد انتقائية الجمهور، خاصةً في السعودية، أصبح جذب الانتباه والاستحواذ عليه هو جوهر النجاح في المشهد الإعلامي الحديث.

OSZAR »